الشرق الأوسط هو مهندس نشط لمستقبل الذكاء الاصطناعي. تستثمر الإمارات بشكل كبير في البنية التحتية لتقنية المعلومات وتعمل على إدخال تعليم الذكاء الاصطناعي في المدارس. هذه الجهود تمهد الطريق للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، لتقنيات تفهم اللغات المحلية، وتحترم الفروق الثقافية، وتندمج بسلاسة في الحياة اليومية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك المساعدون الذكيين، الذين تطوروا ليصبحوا رفقاء موثوقين يساعدون الأشخاص في إدارة العمل والتعليم والروتين اليومي بكفاءة متزايدة.
في هذا التحليل، يستعرض رامي أبو عرجة، المدير الأول للتسويق والابتكار في ياسمينة، مجموعة يانغو، خمسة اتجاهات رئيسية ترسم ملامح تبنّي مساعدي الذكاء الاصطناعي في المنطقة، وتكشف كيف تمهّد هذه الاتجاهات الطريق نحو مستقبل أكثر ترابطاً وتطوراً.

- الراحة والوعي المتنامي بالتقنيات المتطورة والذكاء الاصطناعي
مع تزايد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، أصبح المستهلكون أكثر راحةً وكفاءةً في استخدام الأجهزة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. يواصل الاهتمام بأجهزة المنازل الذكية المتصلة التزايد بصورة مطردة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث يخطط ما يقارب عن 90% من السكان لشراء جهاز واحد على الأقل في العام المقبل.
يُهيئ هذا الوعي المتنامي لدى المستهلكين بالذكاء الاصطناعي بيئة تعليمية داعمة، ويُسرّع من اعتماد مساعدي الذكاء الاصطناعي في مكبرات الصوت الذكية. على سبيل المثال، أصبح بإمكان المعلمين الآن استخدام مساعدي الذكاء الاصطناعي للترجمة من العربية إلى الإنجليزية، وشرح مواضيع مُعقدة، من التاريخ إلى تقنية البلوك تشين، والسرد القصص التفاعلية، مما يقدّم تجارب تعليمية أكثر تشويقاً وإلهاماً.
- مكبرات الصوت الذكية كوحدة متكاملة
تتزايد أهمية مساعدي الذكاء الاصطناعي كواجهة رئيسية للتفاعل مع مكبرات الصوت الذكية، مما حوّلها من مجرّد أجهزة بسيطة تعمل بالصوت إلى أدوات متعددة الاستخدامات تدعم الروتين اليومي للمستخدمين. على سبيل المثال، تتيح “ياسمينة” من يانغو للمستخدمين أداء مجموعة واسعة من المهام عبر الأوامر الصوتية، بدءً من التحقق من حالة الطقس، مروراً بالتذكير بالمهام والمواعيد وتشغيل الموسيقى، إلى الاطلاع على آخر الأخبار والتحكم في غيرها من الأجهزة المتصلة المتواجدة في المنزل.
لا يتطلّب هذا التفاعل السلس استخدام اليدين على الإطلاق، مما يُبسط الحياة اليومية، ويجعل مكبرات الصوت الذكية امتداداً عملياً للمنزل. ومع استمرار هذه الأجهزة في دمج المزيد من المهام وتنفيذها، تزداد فوائدها، مما يؤثر بشكل مباشر على معدلات اعتمادها، ويساهم بدمج مساعدات الذكاء الاصطناعي في نسيج الحياة العصرية.
- المبادرات الحكومية والسياسات الداعمة
كان لحكومات المنطقة دورٌ محوري في تعزيز تبني الذكاء الاصطناعي من خلال إطلاق العديد من المبادرات الاستراتيجية الفاعلة. تهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 إلى تعزيز ريادة دولة الإمارات عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحقيق قيمة اقتصادية بقيمة 335 مليار درهم إماراتي من خلال المبادرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. في هذا الإطار، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على توسيع نطاق تعليم الذكاء الاصطناعي في جميع مدارسها الحكومية (من الروضة إلى الصف الثاني عشر)، بهدف بناء أسس قوي للمهارات الرقمية للطلاب وتعزيز إلمامهم بالذكاء الاصطناعي منذ الصغر. علاوة على ذلك، صرّح الاستراتيجيون أن 20% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات العربية المتحدة سيُستمد من الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.
تعزز هذه السياسات في رفع الوعي بالذكاء الاصطناعي، مع خلق بيئة داعمة لانتشار تقنياته، بما في ذلك مكبرات الصوت الذكية. توجه حكومات المنطقة الدعوة للخبراء وشركات الذكاء الاصطناعي العالميين للمساعدة في تطوير الخدمات العامة، مُؤكدة بذلك التزامها بدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.
- التطورات في مشهد معالجة اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي المحلي
لقد أدى تطوير التقنيات المتقدمة لفهم الكلام البشري إلى تحسين فعالية المساعدين الذكيين بشكل كبير. على سبيل المثال، يُجيد مساعد يانغو “ياسمينة” اللغتين العربية والإنجليزية، مما يتيح تواصلًا سلسًا مع المستخدمين في المنطقة، ويعتمد ذلك على نموذج YangoAI التوليدي، الذي تم تدريبه وصقله مع التركيز على اللغات والثقافة المحلية، مما يمكّنه من تقديم استجابات دقيقة وواعية بالسياق.
صُمم نموذج “YangoAI” لتلبية الاحتياجات المحلية، كما يساهم بتمكين “ياسمينة” من تقديم توصيات عملية بشأن الأنشطة اليومية ودعم المهام ثنائية اللغة مثل الترجمة وإنشاء المحتوى، وحتى توجيه الطلاب في واجباتهم المدرسية. تُعد هذه القدرات التي تتمتع بها “ياسمينة” حيوية ومهمة في مجتمع متعدد اللغات.
- الأهمية الثقافية لمساعدي الذكاء الاصطناعي
يلاقي مساعدو الذكاء الاصطناعي القادرون على إنجاز المهام بسلاسة وتقديم محتوى ملائم ثقافياً صدىً أكبر لدى المستخدمين. على سبيل المثال، تقدّم “ياسمينة” من يانغو تلاوات للقرآن الكريم، و التذكير بأوقات الصلاة، وآخر الأخبار المحلية، و تواريخ التقويم الهجري الدقيقة، مما يُعزز من ارتباط المستخدمين بممارساتهم الثقافية والدينية. يُلبي هذا التوافق الثقافي احتياجات المستخدمين في المنطقة، ويُسرّع من اعتماد مساعدي الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة
شهدت مساعدات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط من كونها مجرد اتجاه حديث إلى ضرورة أساسية في المنازل ومعلماً تكنولوجياً لا غنى عنه لتحسين جودة الحياة. من خلال الدمج بين الاستثمار في البنية التحتية، التعليم، ابتكارات الذكاء الاصطناعي التي تُراعي الثقافات المختلفة والسياسات الداعمة، تنجح المنطقة في مواكبة الاتجاهات العالمية والمساهمة في تشكيلها. هذا التقارب الملهم بين التكنولوجيا والثقافة والحوكمة إشارة واضحة إلى مستقبل أكثر ترابطاً وتمكيناً للمدن والمجتمعات في جميع أنحاء الخليج.





