يتوقّع تقرير مستجدات اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الأول من العام 2021، والذي أعدته “أكسفورد إيكونوميكس” بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، أن يستمر اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة في النمو بشكل مطّـرد على المدى المتوسط، لا سيما في ظل التحديات التي تُحيط بآفاق التعافي قصيرة الأجل بسبب قيود كوفيد-19.
ويشير التقرير إلى أن اقتصاد الإمارات كان مخيباً للآمال نسبياً منذ بداية هذا العام، فقط اضطرت الحكومة إلى تشديد القيود استجابةً لارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا. ودفعت هذه القيود بإجراء مراجعة عكسية على توقعات أكسفورد لنمو الاقتصاد الإماراتي خلال العام 2021، لكن من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.5% في عام 2022، مع تعافي القطاعين النفطي وغير النفطي بقوة مرة أخرى.
ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي للإمارات بنسبة 3.3% في 2021، متراجعاً من نسبة 4.2% المتوقعة قبل ثلاثة أشهر. وبالنظر إلى الهبوط الحاد في إجمالي الناتج المحلي النفطي، سيظل إجمالي الناتج المحلي ثابتاً هذا العام، بعد انخفاض يقدر بنحو 7.7% في 2020، وهو أكبر تراجع له منذ ثلاثة عقود.
ويوضح التقرير أن المخاوف بشأن زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا تلقي بثقلها على موجة التفاؤل في قطاعات الأعمال. وعلى الرغم من التحسن في معدلات التوظيف، سيكون من الصعب الحفاظ على هذه المكاسب في ضوء ضعف مستويات صناعة التجزئة والنشاطات الترفيهية.
وسيواجه قطاع السفر والسياحة، الذي يمثل حوالي 16% من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، كذلك صعوبة في النصف الأول من 2021 بسبب القيود الجديدة لاحتواء تداعيات الجائحة. وأدت الأوضاع الطبيعية النسبية للحياة اليومية في دبي، وتخفيف قيود السفر مثل الممر الجوي مع المملكة المتحدة، إلى انتعاش السياحة نوعاً ما في نهاية 2020، مع ارتفاع معدلات إشغال الفنادق بشكل ملموس، لكن تلقت هذه الجهود ضربة أخرى منذ ذلك الحين بسبب عودة القيود من جديد.
وعلى الرغم من أن الآفاق قصيرة الأجل لقطاع السفر والسياحة في دولة الإمارات العربية المتحدة لا تزال ضعيفة، من المرجح أن يكون الانتعاش قوياً عندما تُمسك بزمام الأمور. ويُعزى ذلك إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
- اللقاح: كان برنامج اللقاح في دولة الإمارات العربية المتحدة من بين أسرع برامج التطعيم في العالم، حيث تلقى أكثر من نصف السكان جرعة واحدة على الأقل.
- المقيمون: ساهم الارتفاع الملحوظ في حركة العطلات القصيرة المحلية في ملء الفراغ الذي تركه المسافرون الدوليون. ومن المقرر أن يستمر هذا التوجه العام، إذ أن مواصلة إعطاء اللقاح تعني أن الرغبة في قضاء العطلة في وجهات محلية في دبي ستستمر في الارتفاع، حتى لو ظل الزوار الدوليون مترددين من السفر إليها.
- السيّاح: أظهرت الزيادة الكبيرة في السفر إلى دبي خلال الربع الأخير من 2020 مدى استعداد الناس لبدء السفر مرة أخرى. وهذا أيضاً يبشر بالخير فيما يتعلق بنجاح معرض إكسبو 2020، الذي تمت إعادة جدولته إلى شهر أكتوبر هذا العام، مما سيخلق فرصة للتعافي بشكل أسرع في دبي. كما أن تحسن العلاقات مع قطر وإسرائيل سيعزز من أعداد الزوار.
إن هذه العوامل، جنباً إلى جنب إصلاحات السياسة العامة التي ستحفز النمو في بقية مجالات الاقتصاد غير النفطي، تعني أنه من المتوقع للدولة أن تشهد انتعاشاً اقتصادياً قوياً، مع توقع ارتفاع معدلات النمو لإجمالي الناتج المحلي غير النفطي إلى أكثر من 5% في عام 2022.
وقال مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “كان الربع الأول من 2021 مليئاً بالتحديات بسبب الحاجة إلى تشديد القيود استجابةً لارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، والتراجع الحاد لإجمالي الناتج المحلي النفطي. مع ذلك، نرى حافزاً كبيراً للجهود السريعة والهائلة التي تبذلها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لإعطاء لقاحات “كوفيد-19″. وفي حين أن الاقتصاد لا يزال متأثراً بسبب إعادة فرض حظر السفر، من شأن تنفيذ برنامج تطعيم ناجح أن يشكّل خطوة كبيرة في استعادة الثقة في دولة الإمارات العربية المتحدة في 2021”.
إن البيانات حول سوق العمل والاتجاهات السكانية في الإمارات العربية المتحدة تبدو ضئيلة ومتناثرة، لكن من المرجح أن تعرقل التدابير الأخيرة من عودة الوافدين إلى الدولة. ونظراً لأنها تُدرك الفوائد الكامنة للمواهب والكفاءات الأجنبية على الاقتصاد، تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتنفيذ الإصلاحات لتشجيع مشاركة المغتربين في المنظومة الاقتصادية. ولا بد أن يشهد الاستثمار الأجنبي زيادة ملموسة في ضوء التعديلات القانونية الأخيرة بشأن منح الجنسية للأجانب، وغيرها من الإصلاحات، مثل السماح بملكية أجنبية بنسبة 100% للشركات الداخلية، ولوائح التأشيرات الجديدة والتغييرات في القوانين المحلية.
وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين في “أكسفورد إيكونوميكس”: “تتميّز دولة الإمارات بالفعل في جاذبيتها للاستثمار في المنطقة، وتتفوق على نظيراتها عندما يتعلق الأمر بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وستساعد القوانين الجديدة القطاعات المستهدفة على جذب الاستثمارات والمواهب الأجنبية والحفاظ عليها. ومع ذلك، نعتقد أن هناك مجالات متاحة للتحسين. ولتعزيز التعافي، يجب على حكومة الإمارات أن تظل سباقة في تنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية التي تهدف إلى تحقيق التنويع الاقتصادي، ومواصلة دعم اقتصاداتها بمبادرات داعمة للنمو”.
وأقرّت الحكومة الاتحادية تخفيضاً بنسبة 5.3% في الإنفاق في موازنتها للعام 2021، لكن هذا يقلل من المستوى المحتمل للدعم الحكومي للاقتصاد هذا العام. إن الحكومة الاتحادية تمثّل حوالي 15% فقط من الإنفاق العام على مستوى الدولة، وستدعم حكومتا أبوظبي ودبي النمو بشدة.
ولا يزال الانخفاض المستمر في الإيجارات يشكّل عبئاً كبيراً على التضخم الرئيسي. وفي حين أن هناك علامات مؤقتة على بلوغ مستويات القاع، فإن العودة البطيئة للقوى العاملة الوافدة تعني أن الضغط الهبوطي سوف يتلاشى تدريجياً.
بين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW
يُعرف عن المحاسبين القانونيين أنهم مهنيون موهوبون يتمتعون بمستوى عالٍ من الالتزام وأخلاقيات العمل. وهناك ما يزيد عن 1.8 مليون محاسب قانوني ومتـقـدّم لهذه الشهادة المعـتمدة حول العالم، وأكثر من 186,500 منهم هم أعضاء ومتدرّبين في معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW.
ويدعم معهد المحاسبين القانونيين ICAEW جوانب الشمولية والتنوع والإنصاف. وفي هذا الإطار، نحرص على استقطاب الكفاءات والمواهب، وإعطائهم المهارات والقيم التي يحتاجونها لبناء الأعمال والاقتصادات والمجتمعات لتكون مرنة، وفي الوقت نفسه ضمان أن موارد كوكبنا تُدار بصورة مستدامة ومسؤولة.
نحن نعتز بتاريخنا العريق والحافل في خدمة المصحلة العامة منذ تأسيسنا في العام 1880، ونستمر في العمل عن كثب مع الحكومات والهيئات التنظيمية وقادة الأعمال في شتى أنحاء العالم. كما نفخر بأن نكون جزءاً في شبكة “تشارترد أكاونتانتس وورلدوايد” العالمية التي تضم 750,000 عضو في 190 دولة، وتروّج لخبرات ومهارات المحاسبين القانونيين على مستوى العالم.
إننا نؤمن بقوة المحاسبة القانونية وقدرتها على إحداث تغيير إيجابي، ومن خلال مشاركة معارفنا وخبراتنا وآرائنا، يمكننا أن نساهم في بناء اقتصادات قوية، ومستقبل ناجح ومستدام للجميع.
نبذة عن أكسفورد إيكونوميكس
تعد مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس واحدة من أبرز شركات الاستشارات على مستوى العالم، حيث تغطي تحليلاتها 200 دولة، و 100 قطاع للأعمال، و 3,000 مدينة. وتُتيح أدواتها التحليلية قدرات لا تُضاهى لتوقع الاتجاهات الاقتصادية، وما يرتبط بها من آثار اقتصادية واجتماعية وتجارية. ومن مقرها الرئيسي في أكسفورد بانجلترا، إلى جانب مراكزها الإقليمية في لندن ونيويورك وسنغافورة، ومكاتبها العديدة حول العالم، تحتضن المؤسسة أحد أكبر فرق العمل في العالم، إذ توظّف نخبة من خبراء الاقتصاد الكلي، والمتخصصين في الفكر القيادي.
54 total views, 54 views today